تفسير و معنى كلمة انتهوا ٱنتَهَوۡاْ من سورة البقرة آية رقم 193


وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ١٩٣

استجابوا للنهي إذ كفُّوا عن الكفر والقتال


التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة "نهي"

النهي: الزجر عن الشيء. قال تعالى: أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى [العلق/9 - 10] وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة أفعل نحو: اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل. ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل: لا تفعل كذا فنهي من حيث اللفظ والمعنى جميعا. نحو قوله تعالى: ولا تقربا هذه الشجرة [البقرة/35]، ولهذا قال: وما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة [الأعراف/20] وقوله: وأما من خلف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى [النازعات/40] فإنه لم يعن أن يقول لنفسه: لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عما نزعت إليه وهمت به، وكذا النهي عن المنكر يكون تارة باليد، وتارة باللسان، وتارة بالقلب. قال تعالى: أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا [هود/62] وقوله: إن الله يأمر إلى قوله: وينهى عن الفحشاء [النحل /90] (الآية: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي )، أي: يحث على فعل الخير ويزجر عن الشر، وذلك بعضه بالعقل الذي ركبه فينا، وبعضه بالشرع الذي شرعه لنا، والانتهاء: الانزجار عما نهى عنه، قال تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [الأنفال/38] وقال: لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا [مريم/46] وقال: لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين [الشعراء/ 116]، فهل أنتم منتهون [المائدة/91]، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف [البقرة/275] أي: بلغ به نهايته. والانهاء في الأصل: إبلاغ النهي، ثم صار متعارفا في كل إبلاغ، فقيل: أنهيت إلى فلان خبر كذا. أي: بلغت إليه النهاية، وناهيك من رجل كقولك: حسبك، ومعناه: أنه غاية فيما تطلبه، وينهاك عن تطلب غيره، وناقة نهية: تناهت سمنا، والنهية: العقل الناهي عن القبائح. جمعها: نهى. قال تعالى: إن في ذلك لآيات لأولي النهى [طه/54] وتنهية الوادي حيث ينتهي إليه السيل، ونهاء النهار: ارتفاعه، وطلب الحاجة حتى نهي عنها. أي: انتهى عن طلبها، ظفر بها أو لم يظفر.


تصفح سورة البقرة كاملة