تفسير و معنى كلمة تعتدوا تَعۡتَدُوٓاْۚ من سورة البقرة آية رقم 190


وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠

وَلاَ تَعْتَدُواْ: ولا ترتكبوا المناهي من المُثْلة، والغُلول، وقَتْلِ من لا يحل قتله من النساء والصبيان والشيوخ، ومن في حكمهم


التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة "عدو"

العدو: التجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب، فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشيء، فيقال له: العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له: العدوان والعدو. قال تعالى: فيسبوا الله عدوا بغير علم [الأنعام/108]، وتارة بأجزاء المقر، فيقال له: العدواء. يقال: مكان ذو عدواء (العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. انظر: المجمل: 3/653)، أي: غير متلائم الأجزاء. فمن المعاداة يقال: رجل عدو، وقوم عدو. قال تعالى: بعضكم لبعض عدو [طه/123]، وقد يجمع على عدى وأعداء. قال تعالى: ويم يحشر أعداء الله [فصلت/19]، والعدو ضربان: أحدهما: بقصد من المعادي نحو: فإن كان من قوم عدو لكم [النساء/92]، جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين [الفرقان/31]، وفي أخرى: عدوا شياطين الإنس والجن [الأنعام/112]. والثاني: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى، نحو قوله: فإنهم عدو لي إلا رب العالمين [الشعراء/77]، وقوله في الأولاد: عدوا لكم فاحذروهم [التغابن/14]، ومن العدو يقال: - 312 - فعادى عداء بين ثور ونعجة (شطر بيت، وعجزه: دراكا ولم ينضج بماء فيغسل وهو لامرئ القيسس في ديوانه ص 120) أي: أعدى أحدهما إثر الآخر، وتعادت المواشي بعضها في إثر بعض، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرجالة. والاعتداء: مجاوزة الحق. قال تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا [البقرة/231]، وقال: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده [النساء/14]، اعتدوا منكم في السبت [البقرة/65]، فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: تلك حدود الله فلا تعتدوها [البقرة/229]، وقال: فأولئك هم العادون [المؤمنون/7]، فمن اعتدى بعد ذلك [البقرة/178]، بل أنتم قوم عادون [الشعراء/166]، أي: معتدون، أو معادون، أو متجاوزون الطور، من قولهم: عدا طوره، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين [البقرة/190]. فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة؛ لأنه قال: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [البقرة/194]، أي: قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه. ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة/2]، ومن العدوان الذي هو على سبيل المجازاة، ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: فلا عدوان إلا على الظالمين [البقرة/193]، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا [النساء/30]، وقوله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد [البقرة/ 173]، أي غير باغ لتناول لذة، ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة. وقيل: غير باغ على الإمام ولا عاد في المعصية طريق المخبتين (وهذا قول مجاهد. وانظر: الدر المنثور 1/408). وقد عدا طوره: تجاوزه، وتعدى إلى غيره، ومنه: التعدي في الفعل. وتعدية الفعل في النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عدا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى [الأنفال/42]، أي: الجانب المتجاوز للقرب.


تصفح سورة البقرة كاملة