تفسير و معنى كلمة وجوهكم وُجُوهَكُمۡ من سورة البقرة آية رقم 144


قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ ١٤٤

الوُجُوهُ: جَمْعُ وَجْهٍ وهو مَا تُواجِهُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الرَّأسِ وفيهِ مُعْظَمُ الحَواسِّ


التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة "وجه"

أصل الوجه الجارحة. قال تعالى: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم [المائدة/6]، وتغشى وجوههم النار [إبراهيم/50] ولما كان الوجه أول ما يستقبلك، وأشرف ما في ظاهر البدن استعمل في مستقبل كل شيء، وفي أشرفه ومبدئه، فقيل: وجه كذا، ووجه النهار. وربما عبر عن الذات بالوجه في قول الله: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن/27] قيل: ذاته. وقيل: أراد بالوجه ههنا التوجه إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، وقال: فأينما تولوا فثم وجه الله [البقرة/115]، كل شيء هالك إلا وجهه [القصص/88]، يريدون وجه الله [الروم/38]، إنما نطعمكم لوجه الله [الإنسان/9] قيل: إن الوجه في كل هذا زائد، ويعنى بذلك: كل شيء هالك إلا هو، وكذا في أخواته. وروي أنه قيل ذلك لأبي عبد الله بن الرضا (تقدم ص 75)، فقال: سبحان الله! لقد قالوا قولا عظيما، إنما عني الوجه الذي يؤتى منه (انظر: البصائر 5/166)، ومعناه: كل شيء من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به الله، وعلى هذا الآيات الأخر، وعلى هذا قوله: يريدون وجهه [الكهف/28]، تريدون وجه الله [الروم/39]، وقوله: وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد [الأعراف/29] فقد قيل: أراد به الجارحة، واستعارها كقولك: فعلت كذا بيدي، وقيل: أراد بالإقامة تحري الاستقامة، وبالوجه التوجه (قال القرطبي: أي: توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة. تفسير القرطبي 7/188)، والمعنى: أخلصوا العبادة لله في الصلاة. وعلى هذا النحو قوله تعالى: فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله [آل عمران/20]، وقوله: ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى [لقمان/22]، ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله [النساء/125]، وقوله: فأقم وجهك للدين حنيفا [الروم/30] فالوجه في كل هذا كما تقدم، أو على الاستعارة للمذهب والطريق. وفلان وجه القوم، كقولهم: عينهم ورأسهم ونحو ذلك. وقال: وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [الأعلى/19 - 20]، وقوله: آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار [آل عمران/72] أي: صدر النهار. ويقال: واجهت فلانا: جعلت وجهي تلقاء وجهه، ويقال للقصد: وجه، وللمقصد جهة ووجهة، وهي حيثما نتوجه للشيء، قال: ولكل وجهة هو موليها [البقرة/148] إشارة إلى الشريعة، كقوله: شرعة [المائدة/48] وقال بعضهم: الجاه مقلوب عن الوجه لكن الوجه يقال في العضو والحظوة، والجاه لا يقال إلا في الحظوة. ووجهت الشيء: أرسلته في جهة واحدة فتوجه، وفلان وجيه: ذو جاه. قال تعالى: وجيها في الدنيا والآخرة [آل عمران/45] وأحمق ما يتوجه به: كناية عن الجهل بالتفرط، وأحمق ما يتوجه (قال ابن فارس: ويقولون: أحمق ما يتوجه. أي: ما يحسن أن يأتي الغائط. المجمل 3/917)، بفتح الياء وحذف به عنه، أي: لا يستقيم في أمر من الأمور لحمقه، والتوجيه في الشعر: الحرف الذي بين ألف التأسيس وحرف الروي (انظر: المجمل 3/917).


تصفح سورة البقرة كاملة