تفسير و معنى كلمة فلينظر فَلۡيَنظُرۡ من سورة الكهف آية رقم 19


وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا ١٩

فَليَتَبَيَّنْ


التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة "نظر"

النظر: تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص، وهو الروية. يقال: نظرت فلم تنظر. أي: لم تتأمل ولم تترو، وقوله تعالى: قل انظرو ماذا في السموات [يونس/101] أي: تأملوا. واستعمال النظر في البصر أكثر عند العامة، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة، قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة [القيامة/22 - 23] ويقال: نظرت إلى كذا: إذا مددت طرفك إليه رأيته أو لم تره، ونظرت فيه: إذا رأيته وتدبرته، قال: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت [الغاشية/17] نظرت في كذا: تأملته. قال تعالى: فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم [الصافات/88 - 89]، وقوله تعالى: أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض [الأعراف/185] فذلك حيث على تأمل حكمته في خلقها. ونظر الله تعالى إلى عباده: هو إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم. قال تعالى: ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة [آل عمران/77]، وعلى ذلك قوله: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين/15]، والنظر: الانتظار. يقال: نظرته وانتظرته وأنظرته. أي: أخرته. قال تعالى: وانتظروا إنا منتظرون [هود/122]، وقال: فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين [يونس/102]، وقال: انظرونا نقتبس من نوركم [الحديد/13]، وما كانوا إذا منظرين [الحجر/8]، قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين [الأعراف/15 - 16]، وقال: فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون [هود/55]، وقال: لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون [السجدة/29]، وقال: فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين [الدخان/29]، فنفى الإنظار عنهم إشارة إلى ما نبه عليه بقوله: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون [الأعراف/34]، وقال: إلى طعام غير ناظرين إناه [الأحزاب/53] أي: منتظرين، وقال: فناظرة بم يرجع المرسلون [النمل/35]، هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة [البقرة/210]، وقال: هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون [الزخرف/66] وقال: ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة [ص/15]، وأما قوله: رب أرني أنظر إليك [الأعراف/ 143]، فشرحه وبحث حقائقه يختص بغير هذا الكتاب. ويستعمل النظر في التحير في الأمور. نحو قوله: فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون [البقرة/ 55]، وقال: وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون [الأعراف/198]، وقال: وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي [الشورى/45]، ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون [يونس/43]، فكل ذلك نظر عن تحير دال على قلة الغناء. وقوله: وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون [البقرة/50]، قيل: مشاهدون، وقيل: تعتبرون، وقول الشاعر: - 447 - نظر الدهر إليهم فابتهل (الشطر للبيد، وقد تقدم في مادة (بهل) ) فتنبيه أنه خانهم فأهلكهم. وحي نظر. أي: متجاورون يرى بعضهم بعضا، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتراءى نارهما) (الحديث تقدم في مادة (رأى) ). والنظير: المثيل، وأصله المناظر، وكأنه ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه فيباريه، وبه نظرة. إشارة إلى قول الشاعر: - 448 - وقالوا به من أعين الجن نظرة (شطر بيت، وعجزه: [ولو صدقوا قالوا به نظرة الإنس] وهو في الغيث المسجم 1/263 دون نسبة) والمناظرة: المباحثة والمباراة في النظر، واستحضار كل ما يراه ببصيرته، والنظر: البحث، وهو أعم من القياس؛ لأن كل قياس نظر، وليس كل نظر قياسا.


تصفح سورة الكهف كاملة